السيد الوزير

سعادة السفير

حضرات السيدات و السادة المنتخبين

حضرات السيدات والسادة الأفاضل

         

أود  في البداية أن أعرب لكم عن سرورنا و تشرفنا باستقبالكم اليوم في افتتاح أشغال الطبعة الثالثة للقاءات الجزائرية الفرنسية لرؤساء البلديات و مسؤولي الجماعات الإقليمية.

إن بلادنا لسعيدة باستضافتها للمرة الثانية أشغال هذه الجلسات الهامة لبلدينا، و إذ أغتنم هذه الفرصة مرة أخرى لأعبر لضيوفنا الكرام عن تمنياتنا بإقامة طيبة بيننا.

لقد شهد شهر نوفمبر من عام 1999، اجتماعا هنا بالجزائر، لمنتخبي ومسؤولي الجماعات الإقليمية الجزائرية والفرنسية. وقد التزمنا حينها لجعل هذه اللقاءات تعقد كل خمس سنوات، قصد تقاسم و تبادل تجارب و خبرات بعضنا البعض في مجال التعاون اللامركزي.

وفي نفس السياق، عقدت شهر أكتوبر 2004 بباريس، الطبعة الثانية لهذه الجلسات التي أتيحت من خلالها فرصة للجماعات الإقليمية لكي تعرب عن إرادتها في تعزيز تبادل الخبرات و تثمين المعارف بين مختلف الفاعلين في التنمية المحلية.

إن تأجيل انعقاد اللقاء الثالث الذي كان مقررا في 2009، لأسباب خاصة بكل طرف، و بالمناسبة أمل أن تُكافئ هذه اللقاءات التي طال انتظارها بالنتائج المرجوة و التي تخدم مصلحة الطرفين.

إن الغاية من هذه الطبعة هو تحديد هدف شامل للتبادل، يجد مصدره ضمن مختلف التجارب بين الجماعات الجزائرية والفرنسية، مبني على مساع واعدة للتنمية الإقليمية، و يُشجع فيها تبادل الخبرات و تحديد مجالات التحسين وكذا فتح فرص العمل للسنوات الخمس القادمة.

حضرات السيدات والسادة،

منذ أزيد من ثلاثين سنة، تضاعفت اتفاقات التعاون اللامركزي بين جماعات البلدين، إذ انتقلت من 7 اتفاقيات في 1989  إلى 13 اتفاقية في 1999.

هكذا و بعد بدايات محتشمة كانت التبادلات فيها مقتصرة على علاقات رمزية تتعلق بالتوأمة بين الأشخاص، فإن التعاون اللامركزي بدأ يشهد تكاثفا تدريجيا يحتوي على مشاريع محفزة تتميز بمقاربة للشراكة والمصلحة المتبادلة.

في يومنا هذا، تم عقد أكثر من 50 اتفاقية تعاون لامركزي وتوأمة بين الجماعات الإقليمية الجزائرية و الفرنسية، على كل المستويات المؤسساتية المتعلقة بمواضيع متنوعة: كالتسيير الحضري، حماية البيئة، الحكامة المحلية، التبادلات الثقافية، الشباب و غيرها...

و لنا في ذلك أمثلة كثيرة كالتعاون بين ولاية عنابة والمجتمع الحضري ل"دانكارك"، و بين ولاية سطيف و مدينة "ليون"، و ولاية ادرار و المجلس العام ل "جيروند"، و ولاية الجزائر و بلدية باريس، و بلدية وهران و بلدية "بوردو".

حيث تم على مر السنين نسج علاقات جديدة، كرست هذا التعاون على شكل علاقة راسخة في الزمن وفي الوقت نفسه جد معاصرة، ومن هنا تبرز ضرورة تثمين علاقات التعاون و استخلاص أكبر قدر ممكن من المزايا، بالإضافة إلى انجاز مشاريع تنموية وتحسين الإطار المعيشي للمواطنين.

 

حضرات السيدات والسادة،

في الوقت الذي يتم فيه افتتاح هذه الجلسات، أود التذكير مجددا أن الفاعلين الحكوميين الجزائريين (والفرنسيين) أيدوا منذ زمن رغبة في تنمية التعاون اللامركزي.

و لقد ترجم هذا التأييد بتبني القوانين رقم 11-10 ل 22 جوان 2011، ورقم 12-07 ل 21 فيفري 2012، المتعلقة على التوالي بقانون البلدية و الولاية و قد رسخ هذين القانونين مبدأ التعاون اللامركزي. و تم الشروع في إعداد النصوص التنظيمية الخاصة بها من أجل ضمان مرافقة جيدة للجماعات الإقليمية الجزائرية في مشاريعها الخاصة بالتنمية اللامركزية.

كما تم تعزيز هذا الدعم بوثيقة إطار الشراكة الذي وقع  بين الطرفين في سنة 2007 بغية تسهيل العقود و مشاريع التعاون و التوأمة بين الجماعات الإقليمية للبلدين. حيث تم الاتفاق على هذا الالتزام للفترة الممتدة بين (2013-2017).

إن هذا الاهتمام الذي حضي به مثل هذا النوع من التعاون راجع إلى كون الجماعات  المحلية عامل محوري في مسار التطور، شريطة إضفاء طابع المهنية عليه في إطار التعاون اللامركزي.

إن الجميع يتفق على أن الكفاءات المخصصة للجماعات الاقليمية في ميدان العلاقات الدولية يبقى جد محدود و في درجة أدنى من تلك المتعلقة بالفاعلين في مؤسسات الدولة.

إن التعاون اللامركزي ليس تعاونا تقليديا بحيث أنه يتميز مقارنة مع التعاون الثنائي أو المتعدد، بطابعه الإقليمي الذي تحتل فيه الجوارية مع المواطن حيزا كبيرا.

كما يمكن أن يصبح أيضا رافدا للمواطنة المحلية و الديمقراطية التشاورية، و لاسيما من خلال إعادة تنشيط النسيج الاجتماعي و الجمعوي المحلي و فتح فضاءات التشاور بين المنتخبين، و بين الإدارات و السكان. كما يرقي إشراك و مشاركة المواطنين ليس فقط في تسيير الشؤون المحلية و لكن أيضا على مستوى التعاون الدولي.

 

حضرات السيدات والسادة

أود أن أغتنم هذه الفرصة لأذكر أن بلادنا قامت بالعديد من الإصلاحات السياسية العميقة بغية تعزيز الديمقراطية التشاورية و ذلك من خلال وضع إطار قانوني يكرس المشاركة الفعلية للمواطن في تسيير شؤون البلاد و المساهمة في تعبئة كل أطراف المجتمع و لاسيما الشباب لصالح التنمية على كل المستويات.

و يتعلق الأمر بوضع الجماعات المحلية في قلب الآليات الجديدة لأقلمة سياسات الدولة و إدراجها في التنمية الاقتصادية المحلية إلى جانب القطاع الخاص و مؤسسات التكوين و البحث.

و أوكد في هذا السياق،  أنه ينبغي على التعاون اللامركزي الجزائري الفرنسي أن يخلق إطارا دائما و مستديما للنقاش، تتقاسم فيه الاحترافية و التجارب من أجل رفع التحديات التي تواجه جماعاتنا المحلية و الاقليمية.

نحن على قناعة تامة بالقيمة المضافة التي يمكن أن يجلبها مثل هذا النوع من التعاون و يمكن أن تستفيد به جماعاتنا و أقاليمنا في ظل الاحترام المتبادل لسيادة كل طرف.

 

 

حضرات السيدات والسادة

يتعين عليكم التطرق في هذه اللقاءات إلى المحاور المهمة المتعلقة بالتنمية و الحكامة المحلية، و الديمقراطية التشاورية، و المالية و الجباية المحلية، وتسيير المدن الكبرى و التنمية المستدامة، و الشراكة بين القطاع العام و الخاص.و هذا ما يترجم في الواقع، هذا الاختيار الخاص بمواضيع الإطار التي ينبغي أن يرقى فيها التعاون اللامركزي الجزائري الفرنسي.

و في كل الأحوال، لا يمكن للتعاون اللامركزي أن يندرج إلا في منظور التنمية المستدامة المشكلة لمختلف الأطراف على المستوى المحلي سواء كانوا مواطنين، أو جماعات اقليمية، أو إدارات عمومية، أو مؤسسات، أو جمعيات..،  و هم متعاملين فاعلين قصد تحسين أداء الخدمة العمومية و تحسين إطار المعيشة داخل مدننا.

و لن أختتم مداخلتي دون أن أتمنى لهذه الجلسات بأن تكون موعدا أفضلا و مناخا خصبا  لتبادل المعلومات و تطوير المعارف و الخبرات، وذلك من أجل جلب شركات جديدة بين المنتخبين الجزائريين ونظرائهم الفرنسيين، و لتكون أيضا مصدرا  للإثراء الشخصي لكافة المشاركين.

و في الختام أعلن رسميا عن افتتاح هذه الجلسات متمنيا لكم  التوفيق و النجاح للجميع في أشغال هذه الدورة.

أشكركم جزيل الشكر. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته