
في إطار النشاط البرلماني، عرض صباح اليوم الإثنين 15 ديسمبر 2025 وزير الداخلية والجماعات المحلية والنقل، السيد السعيد سعيود، مشروع قانون المرور
أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، وذلك في جلسة خُصصت لتقديم النص ومناقشة مضامينه وأهدافه.
واستهل الوزير مداخلته بتوجيه الشكر إلى وزيرة العلاقات مع البرلمان، السيدة نجيبة جيلالي، وإلى رئيس لجنة النقل والمواصلات والاتصالات السلكية واللاسلكية،
وكافة الإطارات التشريعية المرافقة لها، إضافة إلى جميع من ساهموا في دراسة مشروع قانون المرور. كما نوّه بالعمل المتميز الذي قامت به اللجنة في تحليل وتقييم
مختلف جوانب المشروع، معتبراً أن ذلك يعكس حرص أعضائها على أن يكون النص متكاملاً، يراعي مصلحة المواطن ويعزز سلامته وأمنه على الطرقات.
وأكد السيد سعيود أن المبادرة بإعداد مشروع هذا القانون تأتي تجسيداً وتنفيذاً لتعليمات رئيس الجمهورية، الرامية إلى تعزيز التدابير والإجراءات الكفيلة بالقضاء
على ظاهرة اللاأمن المروري وخلق بيئة مرورية آمنة. وفي هذا السياق، أشار إلى أن القانون جاء في ظرف يستدعي حلولاً جذرية ومبتكرة للحد من حوادث
المرور، وتحقيق منظومة متكاملة للأمن المروري، تأخذ بعين الاعتبار مستعملي الطريق والمركبة ومحيط الطريق على حد سواء.
وأوضح الوزير أن المشروع يتضمن إطاراً قانونياً صارماً للحد من الحوادث المرورية، من خلال مجموعة من التدابير والإجراءات التي من شأنها ضمان التطبيق
الفعلي للآليات العملياتية الواردة في أحكامه. كما استعرض أبرز ملامح القانون الجديد، وتطبيقاته وانعكاساته على السائقين والمجتمع، إضافة إلى القواعد المنظمة
لحركة المرور وسلامتها وأمنها، وتعزيز السياسة الوطنية للسلامة المرورية، والآليات العملية الرامية إلى استباق عوامل الخطر المسببة لحوادث المرور وتفاديها.
وفي هذا الإطار، شدد السيد الوزير على أن المشروع أولى أهمية كبيرة للعامل البشري، سواء كان سائقاً أو راكباً أو راجلاً، من خلال إقرار أحكام صارمة وردعية
تجاه السلوكيات المخالفة لقواعد المرور وسلامتها وأمنها. ويتجلى ذلك، لاسيما، في إعادة النظر في الأحكام المتعلقة بشروط وكيفيات الحصول على رخص السياقة
وشهادة الكفاءة المهنية، وكذا شروط توظيف السائقين المهنيين لممارسة مختلف أنشطة النقل عبر الطرق.
كما أبرز أن المشروع منح أهمية بالغة لسلامة المركبة والطريق، وحمّل جميع الأطراف المسؤولية الجزائية والمسؤولية المدنية في حال الإخلال بقواعد حركة
المرور. وأشار إلى أن النص الجديد جاء أيضاً بجملة من التدابير والإجراءات المستحدثة التي تمكن من مواجهة التغيرات المتسارعة على الصعيد العالمي، والتي
باتت تهدد الأمن والسلامة المرورية في البلاد.
وفي هذا السياق، يتضمن المشروع تشجيع ثقافة المواطنة والإبلاغ عن المخالفات، وضمان مطابقة قطع غيار المركبات للمعايير المطلوبة، وإشراك المجتمع المدني
في نشر ثقافة الأمن المروري، إلى جانب إنشاء خلايا محلية لرصد النقاط السوداء على الطرق، توضع على مستوى رئيس المجلس الشعبي البلدي. كما ينص على
شروط صارمة للحصول على رخصة السياقة، تشمل الفحوص الطبية وتحاليل الكشف عن المخدرات، والتكوين النظري والعملي، مع إخضاع السائقين لفحوص
دورية وفجائية.
ويولي القانون أهمية خاصة للسياقة المهنية في مجالات النقل الجماعي، والنقل المدرسي، وسيارات الأجرة، ونقل البضائع والمواد الخطرة، من خلال إلزامية احترام
ساعات القيادة والراحة، وتجهيز المركبات بأجهزة قياس السرعة، وإجراء فحوص للتأكد من عدم تعاطي المخدرات. كما يعزز الرقابة الأمنية والمراقبة التقنية عبر
تزويد الأعوان بمختلف الوسائل اللازمة، على غرار المعدات التكنولوجية للدفع الإلكتروني للمخالفات، وأجهزة الكشف عن تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية،
وأجهزة مراقبة وزن الحمولة الثابتة والمتحركة، فضلاً عن تحميل المسؤولية المدنية والجنائية للمتورطين في المخالفات.
وينص المشروع كذلك على اعتماد أنظمة معلوماتية وطنية لتتبع حوادث المرور وتحليل مؤشرات السلامة، من بينها نظام وطني خاص بالنقاط السوداء، ونظام
وطني لجمع وتبادل المعطيات والإحصائيات المتعلقة بحوادث المرور عبر الطرق. كما يصنف المخالفات إلى مخالفات وجنح، ولأول مرة جنايات، مع إقرار
عقوبات تشمل تعليق أو سحب رخصة السياقة، ومصادرة المركبة، وإلزام السائق بمتابعة دورات تكوينية. ويتضمن المشروع أيضاً أحكاماً انتقالية لتطبيق القانون
الجديد، وتحديد يوم وطني للسلامة المرورية يصادف تاريخ صدور قانون المرور.
وفي ختام عرضه، أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية والنقل أن مشروع قانون المرور الجديد يعبر عن رؤية سياسية واضحة تهدف إلى بناء مجتمع يحترم
النظام ويُقدّر قيمة الحياة، مجدداً التأكيد على أن سلامة المواطنين ليست خياراً، بل التزاماً صريحاً من الدولة تجاه شعبها، وذلك من خلال ترسيخ ثقافة مرورية لدى
المواطنين، إلى جانب التطبيق الصارم لأحكام هذا المشروع.
