
عرض وزير الداخلية والجماعات المحلية والنقل، السيد السعيد سعيود، صبيحة اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025، أمام لجنة الشؤون القانونية والإدارية وحقوق الإنسان والتنظيم المحلي وتهيئة الإقليم والتقسيم الإقليمي بمجلس الأمة، مشروع القانون المعدّل للقانون رقم 84-09 المؤرخ في 4 فيفري 1984 والمتعلق بالتنظيم الإقليمي للبلاد.
حيث استهل مداخلته بتوجيه عبارات الشكر والتقدير إلى رئيس مجلس الأمة السيد عزوز ناصري، ووزيرة العلاقات مع البرلمان السيدة نجيبة جيلالي، وكذا إلى رئيس وأعضاء اللجنة وجميع الإطارات التي ساهمت في دراسة ومناقشة هذا النص، مثمّنًا الجهود المبذولة والنقاشات العميقة والبنّاءة التي استندت إلى معطيات ميدانية واقعية ومؤشرات دقيقة، بما يعكس الحرص المشترك على بلورة مشروع متكامل يخدم المصلحة الوطنية، مؤكّدًا أن هذا المشروع يندرج في صميم الإصلاحات العميقة التي باشرتها الدولة تحت القيادة الرشيدة لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، والرامية إلى عصرنة الإدارة وتعزيز الحكامة المحلية وتحقيق تنمية متوازنة وشاملة عبر كامل التراب الوطني. وفي هذا السياق، أوضح الوزير أن مشروع القانون يتضمن ترقية إحدى عشرة مقاطعة إدارية إلى ولايات كاملة الصلاحيات، باعتبارها خيارًا استراتيجيًا مدروسًا نابعًا من تقييم موضوعي لتجربة المقاطعات الإدارية التي أثبتت نجاعتها في تقريب الإدارة من المواطن وتحسين نوعية الخدمة العمومية وتسريع التكفل بانشغالات السكان، ويتعلق الأمر بكل من أفلو بولاية الأغواط، وبريكة بولاية باتنة، والقنطرة بولاية بسكرة، وبئر العاتر بولاية تبسة، والعريشة بولاية تلمسان، وقصر الشلالة بولاية تيارت، وعين وسارة ومسعد بولاية الجلفة، وقصر البخاري بولاية المدية، وبوسعادة بولاية المسيلة، والأبيض سيدي الشيخ بولاية البيض، ليصبح بذلك التقسيم الإقليمي الجديد للبلاد مكوّنًا من 69 ولاية تضم 1541 بلدية. وأشار السيد سعيود إلى أن هذه الترقية جاءت استجابة لجملة من الاعتبارات الموضوعية، من بينها تعزيز اللامركزية وتقريب مركز اتخاذ القرار، وتثمين المؤهلات الاقتصادية والاجتماعية، ومراعاة الامتداد الجغرافي والكثافة السكانية والمواقع الاستراتيجية، فضلاً عن تحسين فعالية التسيير العمومي والتكفل الأمثل بالملفات التنموية، مبرزًا أن هذه الخطوة تندرج ضمن الرؤية الجديدة للدولة في إعادة تهيئة الإقليم بما يضمن تحقيق توازن حقيقي وتقليص الفوارق التنموية، لاسيما في مناطق الهضاب العليا والجنوب.
كما شدد على أن ترقية هذه المقاطعات لا تقتصر على مجرد تعديل إداري، بل تعكس إرادة الدولة في تحسين نوعية الخدمات العمومية الجوارية، واستحداث هياكل إدارية متكاملة، وتعبئة الموارد البشرية المؤهلة، وتمكين الولايات الجديدة من أدوات التخطيط والتنفيذ والمتابعة الفعلية للبرامج التنموية، مضيفًا أن هذا القرار من شأنه تحريك عجلة التنمية المحلية عبر تثمين مؤهلات هذه المناطق لإنجاز مشاريع استثمارية مهيكلة تساهم في خلق الثروة واستحداث مناصب شغل مستدامة. وأوضح الوزير أن مصالح وزارة الداخلية رافقت هذه العملية بمخطط متكامل شمل الجوانب التنظيمية والبشرية والمالية، بما يضمن انتقالًا سلسًا واستمرارية في تقديم الخدمة العمومية دون انقطاع، من خلال تنصيب الإطارات الإدارية والولاة المنتدبين، وإعادة توزيع الموارد البشرية وفتح مناصب مالية جديدة، وتهيئة وتجهيز الهياكل الإدارية، ودعم المقاطعات بالسكنات الوظيفية والوسائل اللوجستية، إلى جانب تنفيذ برامج تجهيز ممولة من صندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية. وفي ختام مداخلته، أكد السيد الوزير أن ترقية هذه المقاطعات تستوجب مراجعة الإطار القانوني المنظم للتقسيم الإقليمي، مع اعتماد فترة انتقالية تضمن التحضير المحكم لانطلاق الولايات الجديدة في أداء مهامها كاملة ابتداءً من 1 جانفي 2027 في ظروف تنظيمية وعملياتية ملائمة، منوهًا بأن هذا المسار يندرج ضمن التوجيهات السامية لرئيس الجمهورية، القائمة على مقاربة متوازنة ومسؤولة وقابلة للتدرج تراعي خصوصيات كل إقليم وتضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار، مجددًا التعويل على دعم ومرافقة مجلس الأمة لهذا المسعى الوطني، ومؤكدًا أن قطاع الداخلية سيواصل العمل بتنسيق وثيق مع المؤسسة التشريعية وكافة القطاعات والهيئات المعنية لإنجاح هذه الخطوة الاستراتيجية وترجمتها إلى مكاسب ملموسة على أرض الواقع خدمة للوطن والمواطن.
